Histoire, Géographie et Civisme

 

التربية في ظلّ التحدّيات الراهنة

تواجه التربية في هذا العصر، وفي وطننا بالذات، مخاطر لا حدود لها، ومنها: المدنيّة الحديثة، والبدع الهدّامة، والإعلام المضلّل والمخرّب، والتقنيّة المسيطرة...

وتسبحُ بعض مناهجنا ومدارسنا، وللأسف، في إتّجاه هذا التيّار، غافلة عن بناء الإنسان القادر على مواجهة هذه المخاطر، وعلى تعميق وجوده وكيانه وعلى تحقيق إنسانيّته. وتوجّه بعض مدراسنا، الناجحين من تلامذتها نحو الفروع العلميّة، طمعًا بما تؤمّنه هذه الفروع من مدخول مادّيّ. وكأنّ مجتمعنا اللّبنانيّ لم يعد بحاجة إلى فلاسفة وشعراء، وأدباء، ومؤرّخين، ومحامين، ... ولا حتّى إلى مربّين ومعلّمين.

فأين مدرسة ڤال پار جاك من هذا الواقع؟ وأين هي من رؤية مؤسّسها الطوباويّ أبونا يعقوب، في التربية، وفي إصلاح الإنسان، وفي تطهير النفوس من رذائلها، وفي تنمية بذور الفضائل فيها؟ للردّ على هذه التساؤلات، نورد بإيجاز النهج المعتمد وفق النقاط التالية:

 -١تركيز اهتمامات المدرسة التربويّة والتعلّميّة، على التوازن بين العلوم التطبيقيّة، والعلوم الإنسانيّة.

٢- اعتماد تطوير بعض المناهج، حيث أمكنها ذلك، لتحريك ذهن المتعلّم، ولتسليحه بقدرات تكون عدّته في العمل الفاعل والمنتج.

٣- التوجيه إلى ضرورة الابتعاد عن مبدأ التلقين للمعرفة، واعتماد الطرائق الناشطة في تعزيز ملكة التعلّم الذاتيّ، حيث يستعين المتعلّم بالأستاذ وبالكتاب وبالمنهج، دون أن يكتفي بذلك، بل يسعى إلى تنمية حبّ الاستطلاع والممارسة وإخصابها.

٤- تفعيل قدرة المتعلّم على التفكير العلميّ، ليس فقط في مجال العلوم وحسب، بل في مواد العلوم الإنسانيّة كافّة: الآداب، والتاريخ، والجغرافيا، والتربية... وفي مختلف المراحل التعليميّة.

٥- توجيه معلّمي مواد العلوم الإنسانيّة، بخاصّة في مادتَي التاريخ، والتربية، إلى ربطهما بالحياة، وإلى جعل المتعلّم قادرًا على تخطّي الآراء، والنظريّات التي تُعرض عليه، وأن ينفذ من خلالها إلى تطوير الوقائع والأفكار وتفاعلها الدائم.

٦- إحياء واقع المناهج الجامدة، والنظم التربويّة البالية، وجعلها تلائم حاجات الحاضر والمستقبل، إذ لا يجوز مواجهة مشاكل اليوم بعقليّة الأمس، ولا استقبال الغد بعقليّة اليوم.

٧- التشديد على معلّمي مواد التاريخ والتربية والجغرافيا، بضرورة تنمية ملكة الإبداع، والابتكار، وبناء المتعلّم جسدًا وعقلً ونفسًا، من أجل أن يكون مواطنًا صالحًا، وإنسانًا فاعلاً ومنتجًا.

وخلاصة القول: إنّ منسّق هذه المواد، وبالتعاون مع زملائه، ناشطون في جعل المتعلّم قادرًا على تحقيق إنسانيّته، وتحرير مجتمعه وترقيته، وبذلك نكون قد حافظنا على رسالة الطوباويّ أبونا يعقوب، وحقّقنا نقلة نوعيّة من التربية الاستهلاكيّة إلى التربية الإنتاجيّة.

وبالمناسبة المباركة، اليوبيل المئويّ لمدرستنا، نستوحي من المحطّات التاريخيّة اللّبنانيّة المضيئة، ومن جغرافيّة أرضنا المقدّسة، تمنّيات قلبيّة تنبض بأبجديّة التهنئة لجمعيّة راهبات الصليب، ولإدارة المدرسة، شاكرين إله الصليب على مئة سنة مرّت بالعمل، وبالعطاء، وبالنجاح، وكأنّها الأمس الذي عبر، فإلى مئة جديدة، مع رجاء التقديس لمؤسّسنا الطوباويّ أبونا يعقوب.