Fête du bienheureux Abouna Yaacoub - عظة عيد مولد الطوباوي أبونا يعقوب الكبّوشي لعائلة مدرسة ڤال بار جاك- الخوري طوني القزي

mar., 6 févr. 2018

في ذكرى ميلادِكَ، يا شفيعَنا وأبانا، لا بدّ لنا من وقفةٍ فيها الكثيرُ من العزّة، ومن الافتخارِ لأنّ الربّ اختارنا بعنايةٍ منه، ودونَ استحقاقٍ  منّا لنكون امتدادًا لرسالة الحبّ، والرحمة التي حملتها طيلة حياتك الرهبانيّة...

وقفة نحني فيها الرقابَ نقصًا... وقفة فيها نقوّم مسيرتنا، ورسالتنا، وقفة نمتحنُ فيها  الضميرَ لنرى إن كنّا ما زلنا أمناء، ونلمس القلبَ لنعرف إذا ما زال ينبضُ رحمةً، ويقطُرُ حنانا...

 

- أبانا يعقوب، كاهنٌ أنا يتفطّر قلبي خجلاً أمام كهنوتك، يا سيّدي...! كيف لدنيويّ الذهنيّة أن يتجرّأ على الوقوف أمام زاهدٍ في الدنيا؟ 

كيف لمتحجّر القلب أن ينظر في عيني من لا يمتلك ما يُعطيه غير الرحمة؟ 

كيف لباحثٍ عن ضماناتٍ أرضيّة أن يؤتمن على رسالة مَن لم يخشَ الفاقة والبؤس، لأنّه آمن أنّه دومًا بمعيّة يسوع القادر على كلّ شيء؟

 ويا بناته الراهبات، هل تساءلتنّ إن كنتنّ ترون المسيح بعدُ في مريض أو مجروحٍ أو تلميذ، لتخدُمنَهُ ساجدات؟ هل أنتنّ واثقات من  أنّ هؤلاء الصغار الذين تخدمنهم يتذّوقون من خلالكنّ حبّ يسوع، فتنتعش فيهم كرامةٌ، من بسمةٍ، أو لمسةٍ، أو احترام منكنّ ؟!

 

- أحبّائي المعلّمين والمربّين، لقد  حملتم هَمَّ  يعقوب الأوّل. فهل ما زال همُّه همَّكُم؟ هل تمتلكون جرأة الإفصاح عن خيانتكم نهجه والرسالة؟ الفال صرحٌ من صروحٍ عديدة بناها صاحبُ العيد، فهل أضحَت أرض استثمار،  ومصدرَ رزقٍ وقوت فقط؟ أَو أنّها كما أرادها يعقوب مساحةً للشهادة، فيها الفرحُ والتعاونُ، وفيها الحبُّ، والأخوّةُ، والبذلُ، والعطاءُ؟

 

- أمّا أنتم، يا أهلَ من كانوا في فكر أبينا مذ حمل همّ التربية والتعليم، سامحوا تربيتنا إن لم ترَ أعيُنُكم يعقوبَ فينا، لكن، دعوني أتساءل تساؤل من يعرف، علّني أنجحُ في إدخالكم إلى عمق أعماقكم، هناك حيث تسقط الأقنعة وتنجلي الحقائق: 

ما الذي تودّون الوصول إليه  حقيقةً من شتيمة وتجريحٍ، فيتسابق بعضكم لتسويقه عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ؟ ماذا تجنون من حربٍ ضروسٍ يخوضها بعضكم؟ هل تساءلتم يومًا من هو خصمكم؟ أَخصمكم راهباتٌ وكهنةٌ ومربّون نذروا حياتهم للرسالة؟ هل تعرفون كم تسقط أجسادنا الضعيفة تحت سياط التجربة في كلّ لحظة؟ تأكّدوا أنّنا لن نحاربكم، ولن نردّ الشتيمة بالشتيمة، سنستقبل السهام في صدورنا، علّكم تتأكّدون عند ذلك ممّا في داخل قلوبنا من حبّ خالصٍ  لكلّ فردٍ منكم...

أيّها الأحبّاء، اعذروا صراحتي، فأنا كاهنٌ اختارني من كشف عن ذاته يومًا حين قال: "أنا هو الحقّ"... فأحببت أن يكون العيد عيدًا، بعد أن شَعرتُ بقربي منكم بصرخة الوجع القاتلة والنابعة من أعماق قلوبكم:

 

- وجعِ راهباتٍ وجدنَ أنفسهنَّ عالقاتٍ بين سندان حقوق معلّمين، ومطرقة أهلٍ ضاقت بهم الأحوال وشعروا بالخطرِ يتهددّهم.

- وجعِ زملاءٍ معلّمين، يفترشون الطرقات، وتُهتك لهم كرامات، في كلّ مرّة يطالبون فيها بحقّهم من دولةٍ تمرّست في إذلال أبنائها. 

- وجعِ أهلٍ شدّت الظروفُ الاقتصاديّة الخناق على رقابهم فراحوا يصرخون طالبين الرحمة، وقد صُمَّت الآذان، وتحجّرت القلوب، فلا من يسمع ولا من يرحم.

 

وصار كلّ فريقٍ يبحث عن حماية نفسه، وصار الآخرُ خصمًا ومنافسًا يسابقه لتسجيل هدفٍ في مرماه...

تعالوا هذه العشيّة نشبك الأيدي، فنحن بأمسّ الحاجة إلى بعضنا.

صدّقوني  الأمانةُ العامّة لا تستطيع أن تحمي الڤال من السقوط، والنقابة  لن  تدفع لكم مستحقّاتكم والحقوق إن سقطت الڤال ولا يمكن  لتجمّعاتُ لجان أهل دخول الصفوف لتسدّ فراغ معلّم في الطريق يطالب بلقمة ذلّ... تعالوا نشحذ الهِمَم، ونلتفّ حول يعقوب في عيده، علّنا نستعيد هويّتنا الحقيقيّة فنتحسسَّ وجع بعضنا، وتعود القلوب التي في داخلنا قلوبًا من لحمٍ ودم... حينئذٍ نعود إلى أماناتٍ، ونقابات، ولجان لنشهد لهم كيف أنّ المحبّة تستنبط الحلول وتصنع المعجزات... وتعود الڤال مساحة شهادة، وواحة حبّ، وسلامٍ، وفرح، عند ذلك فقط يكون العيدُ عيدًا، آمين.

 

 



Nom
Titre
Commentaire